|
الصفحة الرئيسية
>
حــديث
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى ؟ قلت : نعم . قال : وترى قلة المال هو الفقر ؟ قلت : نعم يا رسول الله قال : إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب) رواه ابن حبان.
ليس حقيقة الغنى كثرة المال لأن كثيراً ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه ، فكأنه فقير لشدة حرصه ، وإنما حقيقة الغني غني النفس ، وهو من استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب ، فكأنه غني.
قال القرطبي :معنى الحديث أن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس، وبيانه أنه إذا استغنت نفسه كفت عن المطامع فعزت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقير النفس لحرصه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته وبخله ، ويكثر من يذمه من الناس ويصغر قدره عندهم فيكون أحقر من كل حقير وأذل من كل ذليل . والحاصل أن المتصف بغنى النفس يكون قانعاً بما رزقه الله ، لا يحرص على الازدياد لغير حاجة ولا يلح في الطلب ولا يلحف في السؤال ، بل يرضى بما قسم الله له ، فكأنه واجد أبداً ، والمتصف بفقر النفس على الضد منه لكونه لا يقنع بما أعطي بل هو أبداً في طلب الازدياد من أي وجه أمكنه ، ثم إذا فاته المطلوب حزن وأسف ، فكأنه فقير من المال لأنه لم يستغن بما أعطي ، فكأنه ليس بغني . ثم غنى النفس إنما ينشأ عن الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره علماً بأن الذي عند الله خير وأبقى ، فهو معرض عن الحرص والطلب. والله أعلم.
المزيد |